لا يختلف اثنان على أن ظاهرة احتلال الملك العام استفحلت بشكل عام بالمملكة، كما لا يختلفان أيضا على أن هناك بعض المدن استطاعت محاربتها أو التخفيض منها بشكل ملحوظ، كما أنهما لا يختلفان أيضا على أن هذه الظاهرة تسيء لجمالية المدن و تخلق فوضى في تنظيم السير و الجولان..
و حتى نعطي لكل ذي حق حقه، فالكثيرون من الباعة المتجولين لا قوت لهم و لا عمل غير ذلك.. و أيضا لأصحاب المحلات التجارية ممن يؤدون واجبات جمة من ضرائب و كراء و غيره أن يحتلوا الأزقة و الشوارع مادام هناك باعة يملؤون الأرصفة أمام محلاتهم و يسدون باب الرزق عليهم..
و حتى نوفي بعض المسؤولين حقهم، فلقد كنا نرى و نتابع حملات جدية للسلطات المحلية ضد هذه الظاهرة، فترتدي المدينة حلة جديدة و تظهر معالم النظام و التنظيم في الأزقة و الشوارع، و تصبح حركة الجولان و السير رائعة و سلسة و حضارية..
و لكن لا تمر إلا أسابيع قليلة حتى تعود الأمور إلى طبيعتها المتسخة و اللاحضارية ..
و من الأسئلة المطروحة، لماذا لا يستغل هؤلاء الباعة المحلات التي شيدت لهذا الغرض ب “الأسواق النموذجية” ؟ و هذا سؤال جدي و جيد، لأنه حسب بعض الإشاعات فإن أغلب المستفيدين من المحلات هم أنفسهم من يحتلون الملك العام، و بذلك يضعون رجلا هنا و أخرى هناك، تبريرهم في ذلك، أن هذه الأسواق تفتقر للمقومات الأساسية.. و أيضا بما أن احتلال الملك العام مسموح به، فلم سيبقون هم رهينة أسواق لا يرتادها إلا القليل من المواطنين؟
ظاهرة احتلال الملك العام من طرف الباعة المتجولين منهم و القارين تترتب عنها عدة ظواهر أخرى تسيء لسمعة البلاد، نذكر منها أنها مرتع للمنحرفين و السرقة، و أنها تخلف أزبالا و أوساخا، و تسبب ضجيجا أغلبه بين الباعة أنفسهم مما يتحول إلى السب و الشتم و الكلام البذيء.. و أيضا هناك من أصبحوا يحتكرون بعض البقع على الأزقة و الشوارع، بل و يقومون بكرائها للباعة..
و آخر ظواهر هذه الآفة الخطيرة، هو احتلال بعض أصحاب المحلات لأمتار على الطريق المعبدة، و يضعون عليها حواجز من شتى الأصناف؟؟ و الويل لمن سولت له نفسه مس إحداها أو تجاوزها..
فهل يا ترى سيجد السيد العامل الجديد وصفة لهذه المعضلة، و أن يضرب بيد من حديد، لأن المواطن المستعمل للطريق هو صاحب الحق الأصلي، و للمدينة حقها أيضا في أن تصبح نظيفة و حضارية..