ثقافة

نجاح ملتقى حفاظ القرآن الكريم بسيدي عبد الرزاق … و لكن

بشراكة مع مجلس جماعة سيدي عبد الرزاق جمعية حفاظ القرآن الكريم نظمت الملتقى الثاني للأنشطة الدينية و الفروسية من 23 إلى 26 ماي 2024.. هذا الملتقى الذي حظي بإقبال جماهيري منقطع النظير من كل الأعمار و الفئات ، و عجت جنبات حلبة التبوريدة بالعشرات من الباعة و التجار الصغار، الذين عرضوا أنواعا شتى من المواد …

و شاركت العشرات من السربات في الملتقى الثاني لحفاظ القرآن الكريم، كبارا و شبانا، و تم تحضير الحلبة بشكل متميز من رش بالماء و إنارة و صوتيات و كراسي بالمنصة الشرفية و حواجز..

جمعية حفاظ القرآن الكريم لم يتوقفوا إلا في لحظات قليلة عن تلاوة القرآن الذي رفع في سماء جماعة سيدي عبد الرزاق،و زاد المنظر جمالية طلقات البارود المسترسلة، و أصوات أبواق الباعة من أغاني و إشهار..

و لكن … رغم كل ذلك، و علما منا بأن كل ما أنجز هو تحصيل حاصل.. إلا أننا سجلنا عدة نقاط نعتقد أنها يجب أن تحظى بالاهتمام و أن يعمل منظمو الملتقى على أخذها بعين الاعتبار في الدورات المقبلة..

أولاها، أن اللافتة الإشهارية، و التي تقول “الأنشطة الدينية و الفروسية”، في حين أن كل ما شاهدناه هو تلاوة جماعية لقصار السور أو لبعض الآيات فقط، و أدعية و بعض الابتهالات القديمة، في حين أن رفع شعار الأنشطة الدينية يقتضي أن يكون هناك برنامج ديني حافل مثل، مسابقات ثقافية في الأمور الدينية و مسابقات في تجويد القرآن الكريم لطلبة (تلاميذ) الكتاتيب القرآنية حتى لا يقتصر الأمر على شيوخ و فقهاء يتناوبون على الميكروفون، بل كان أجدر أن يرى الزائر ثمرة عمل هؤلاء الشيوخ المحترمين الأجلاء من خلال تلاميذهم.. و هم يتنافسون في تجويد القرآن الكريم و حفظه و ترتيله، و يحظون بجوائز تحفيزية كي نعطي بهم المثال لباقي الشباب و الأطفال الذين عجت بهم جنبات حلبة التبوريدة..

ثم ألم يكن الشيوخ أولى الناس بإعطاء الموعظة و إثارة الانتباه إلى قول الله عز و جل” و إذا قريء القرآن فاستمعوا له و أنصتوا”؟ فلقد كانت الصورة غير مريحة و أنت ترى فقيها يصفق متتبعا إيقاع الابتهال الديني، فتختلط أصوات الفقهاء بصوت كمنجة الستاتي المنبعثة من عند صاحب “كاسكروت” غير بعيد عن حلبة التبوريدة.. حتى كان يبدو أن الفقيه يتتبع إيقاع الستاتي لا الابتهال.. فالأمر غير صحيح أن يتلى القرآن بوجود أغاني من هنا و هناك..

و أيضا، كم تمنيت لو أن برنامج الأنشطة الدينية الذي لم يجر إلا على اللافتة، أن تقوم مجموعات الفقهاء المفروض أنهم جميعا حفظة لكتاب الله، احتراما لاسم الجمعية و تأكيدا لما تحمله اللافتة، أن يحيوا ليالي بيضاء لتلاوة القرآن، خصوصا و أن الملتقى عرف مرور 3 ليالي، و كان ممكنا جدا أن يختتم فيها كتاب الله، في نفس المكان، و يشارك فيها عموم المواطنين في خشوع و إقامات لليالي…

و أعرج على عدة ملاحظات تمنيت صادقا أن أجد من يجيب عليها، بما أن الأمر يتعلق بجمعية قانونية، يسري عليها ما يجري على كل الجمعيات المدنية و غيرها، ألم يكن من باب الشفافية و الوضوح أن تعقد ندوة يصرح فيها عن قانونية جمع التبرعات تلك و كيف سيتم تدوينها عبر سجلات المداخيل و غيرها، و هل سيخصص منها جزء للجماعة القروية باعتبار أنها مطالبة هي الأخرى بجمع الأزبال و مخلفات الملتقى ..و بما أن الأمر فيه شراكة، وجب رفع نوع الشراكة المادي و المعنوي إلى الرأي العام من خلال الصحافة المتواجدة، بل و إعطاء صورة عن مصاريف السنة الماضية .. و لا ينسى القيمون على الملتقى المساهمة في ترميم إسم عبد الرزاق الذي طارت “سيدي” له من حائط التشوير داخل الجماعة و على الطريق الرئيسية..

و لاحظنا أيضا تقديم وجبة غذاء من طرف أحد أعيان البلد، و جبة حضرها الفقهاء و ضيوف قدموا من خارج الجماعة عبر سيارات مدرسية خصوصية، ظننتها للوهلة الأولى بعض ” الخطافة” الذين يستغلون مثل هذه المناسبات، إلا أنها تعود لأحد أعيان البلد، و كانت تقل العنصر النسوي أكثر من الذكوري، قادمين من خارج الجماعة، هذا العنصر الذي استقبل بحفاوة و قدمت له وجبة الغذاء قبل الفقهاء و حفاظ القرآن و الصحافيين..

كما أن اللافتة تقول ب “الفروسية” و الجميع يعلم أن الفروسية مصطلح شاسع، إذ يشمل كل أنواع المشاركات بالفرس و الحصان مثل القفز على الحواجز بأنواعه و العدو السريع و غيرها.. و لكن الأمر كان مقتصرا على “التبوردة”.. و لا أعلم لماذا تعمد كاتبو اللافتة اللجوء إلى هذا النوع من المصطلحات، فلا الفروسية حاضرة و لا الأنشطة الدينية قائمة.. و الأصح أن يقال تلاوة القرآن الكريم و التبوريدة..علما أن التبوريدة ثقافة مغربية قحة و فريدة نفتخر بها أيما افتخار و لكم في دار السلام خير مثال، فيما تبقى الفروسية فن مشترك بين كل أقطاب العالم.. و الأنشطة الدينية إذا لم تخرج عن المألوف في المناسبات التأبينية و الأعراس فلا جدوى من أن تكتب على لافتة..

و في الأخير لا بد من الإشارة إلى  المجهودات الجبارة و المتميزة لرجال الدرك الملكي الذين لم يهدأ لهم بال على مدى أسبوع و يزيد، لاستتباب الأمن و تنظيم المارة و ضبط السير و الجولان، و هي أيضا فرصة للتنويه بعمل رجال القوات المساعدة و الوقاية المدنية..

كما لا تفوت الفرصة بأن ننوه بعمل الشابة المنشطة و المنظمة لحلقات التبوريدة..

و لا شك أن هناك رجال صبروا و صمدوا من أجل إنجاح الملتقى، مثل الإنعاش الوطني و موظفي الجماعة..

و أخيرا يبقى تنظيم ملتقى بهذا الحجم ينم عن إرادات قوية، و ما خلقه من حركية تجارية و ترويح عن النفس لسكان القرى المجاورة بل و البعيدة لا يمكن إلا أن يسجل في خانات المبادرات الناجحة..

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى