عبر توماس هيتشلر، الوزير المنتدب في وزارة الدفاع الألمانية، الاثنين 04 مارس 2024، خلال المباحثات التي جمعته مع كل من عبد اللطيف لودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، و الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق للتعاون العسكري مع المغرب، إضافة إلى اتفاقيات أخرى تهم مجال الدفاع و حماية المعلومات المصنفة.
كما عبر المسؤولون العسكريون في كلا البلدين عن رغبتهم في تعزيز التعاون الأمني و العسكري بين الدولتين و استكشاف فرص التعاون الثنائي في مجال التكوين العسكري و الدفاع السيبراني و الصناعة الحربية، و هو ما أدرجه مهتمون في إطار استمرارية الاستراتيجية المغربية القائمة على تنويع الشركاء العسكريين و توطين الصناعات الدفاعية من خلال الاستفادة من التجارب الدولية، و كذا رغبة ألمانيا في الرفع من مستوى التنسيق مع الرباط و الاستفادة من المكانة الاستراتيجية التي باتت تحظى بها في محيطها الإقليمي و القاري.
رؤى متقاطعة و روابط إقليمية
هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، قال إن “التعاون العسكري المغربي الألماني يهدف إلى الدفع بالعلاقات الدفاعية بين البلدين و توسيعها إلى مجالات التكوين و التدريب و تقوية التعاون في مجال الدفاع السيبراني، بالإضافة إلى توسيع المشاورات الثنائية فيما يخص قطاعات الصناعة الدفاعية”.
و أضاف معتضد، في تصريح لهسبريس، أن “الرباط و برلين لهما رؤى متقاطعة فيما يخص مكافحة الإرهاب و الهجرة غير الشرعية و الجريمة العابرة للحدود و الاتجار غير المشروع، و بالتالي فتبادل الزيارات العسكرية على أعلى المستويات يندرج أيضا في إطار توحيد الجهود للدفع بمجهودات البلدين في تدبير التحديات المشركة و رسم خارطة طريق لكسب الرهانات الأمنية و الدفاعية المشتركة”.
و لفت المتحدث إلى أن “المغرب بالنسبة للمسؤولين الألمانيين فاعل مهم في تحقيق الاستقرار و السلم في المنطقة، و منصة موثوق بها على مستوى استتباب الأمن. و بالتالي، فالقائمون على مؤسسات الدفاع الألماني مهتمون جداً بالثقافة العسكرية المغربية التي تعتمد على استراتيجية متعددة الأبعاد و تهدف إلى التصدي لمختلف التهديدات الأمنية و العسكرية”.
و أشار إلى أن “الرباط بدورها تراهن بشكل كبير على برلين فيما يخص رؤيتها المتعلقة ببناء صناعة حربية و دفاعية وطنية، خاصة و أن المسؤولين الألمان أبدوا اهتمامهم بالتوجهات المغربية المتعلقة بتنويع الشركاء في إطار التوجه المغربي العسكري الذي يسعى لخلق دينامية صناعية متعلقة بالمجال العسكري و الدفاعي والأمني”.
و خلص الباحث ذاته إلى أن “الاهتمام الألماني بالمجال العسكري المغربي له بعده الاستراتيجي أيضا، إذ إن ألمانيا تحاول من خلال كسب ود المغرب الاستراتيجي الاستفادة من روابطه الإقليمية و متانة علاقاته مع العمق الإفريقي من أجل الدفع بالحضور الألماني على مستوى الساحة الإفريقية إلى مزيد من التوسع الاستراتيجي في خضم تنافس شرس و حركي بين العديد من القوى الدولية”.
استراتيجية مغربية و صناعة محلية
محمد شقير، باحث في الشؤون الأمنية و العسكرية، قال إن “ألمانيا تعتبر أحد الشركاء الاستراتيجيين في أوروبا بالنسبة للمغرب على المستويين الأمني و العسكري”، مشيرا إلى أن “التقارب الألماني العسكري مع الرباط يجد له تفسيرا في رغبة برلين في ملء الفراغ الذي خلفه تراجع التعاون العسكري بين المغرب و فرنسا في الآونة الأخيرة بسبب مجموعة من العوامل”.
و بين شقير، في حديث مع هسبريس، أن “الحكومة الألمانية تراهن على تطوير علاقات التعاون العسكري و الأمني مع المغرب بحكم أن الأجهزة الأمنية و الاستخباراتية لهذا الأخير ساهمت في إحباط مجموعة من المحاولات الإرهابية التي كانت تتهدد الدولة الألمانية”، موضحا أن “هذه المحادثات العسكرية تترجم أيضا الاستراتيجية التي ينتهجها المغرب من خلال تنويع شركائه على هذا المستوى و تدعيم ترسانته العسكرية بمجموعة من الأسلحة النوعية”.
و لفت الباحث ذاته إلى أن “العتاد الحربي الألماني له سمعة جيدة على المستوى الدولي، إذ تصنع هذه الدولة الأوروبية مجموعة من الأسلحة، خاصة الصواريخ، التي أتبتث فعاليتها في ساحة الحرب، لا سيما في الساحة الأوكرانية. و بالتالي، فإن الجيش المغربي قد يكون مهتما بهذه الأسلحة إذا ما كانت المفاوضات حولها في صالحه، خاصة على مستوى التكاليف”.
و خلص شقير إلى أن “توقيع المملكة المغربية اتفاق تعاون عسكري مع برلين من شأنه أولا تدعيم الجهود المشتركة لكلا البلدين في مكافحة التهديدات الأمنية، ثم تعزيز المنظومة الدفاعية الوطنية، إضافة إلى الاستفادة من التجربة الألمانية في مجال التصنيع الحربي، خاصة و أن المغرب يسعى إلى توطين هذه الصناعة على المستوى المحلي لمواجهة ارتفاع تكلفة التسليح الخارجي”.
المصدر: هيسبريس