المصطفى المصدوقي .
تعاني مدينة الخميسات في صمت من ظاهرة العربات المجرورة بالخيول ؛ التي باتت تشكل تحديا مزدوجا يؤثر سلبا على انسيابية حركة المرور ويشوه الجمالية الحضرية للمدينة ؛ ففي الوقت الذي بذلت فيه السلطات المحلية بالخميسات جهودا حثيثة لمكافحة الاستغلال العشوائي للملك العمومي، و إزالة الواجهات التي كانت تعيق حركة المارة و تخفي أحيانا معالم المحلات، تبرز هذه العربات كبقعة سوداء في المشهد العام، لتفقد المدينة جزءا من رونقها المكتسب بصعوبة.
و لا يختلف اثنان على أن العربات المجرورة بالخيول، التي عادة ما تستخدم لنقل البضائع أو جمع الخردة، تتسبب في عرقلة واضحة لحركة المرور ؛ فبسبب حركتها البطيئة و العشوائية في كثير من الأحيان، و توقفها المفاجئ في أماكن غير مخصصة، تؤدي إلى اختناقات مرورية خاصة في الشوارع الرئيسية و المحاور الحيوية للمدينة. هذا التباطؤ في الحركة لا يقتصر تأثيره على السائقين فقط، بل يمتد ليشمل المارة الذين يجدون صعوبة في التنقل بأمان، خاصة في الأماكن التي تزدحم فيها هذه العربات.
إلى جانب تأثيرها السلبي على الحركة المرورية، تشكل العربات المجرورة بالخيول منظرا مقززا يشوه جمالية الخميسات، ففي الوقت الذي تسعى فيه السلطات المحلية إلى تحسين المشهد الحضري، و إضفاء لمسة جمالية على الفضاءات العامة، تظل هذه العربات تجوب الشوارع بأشكالها المهترئة و المحملة بالنفايات أو البضائع بشكل غير منظم، مما يعطي انطباعا سلبيا عن المدينة و يقلل من جاذبيتها، و هذا التناقض يصبح أكثر وضوحا عندما نقارن الجهود المبذولة لإزالة الواجهات التي كانت تعيق الرؤية، و استبدالها بحلول بديلة أدت في بعض الحالات إلى تحول مرافق حيوية كالمقاهي إلى ما يشبه الأكواخ، و بين استمرار وجود هذه العربات التي تترك مخلفات عضوية في الشوارع، و تساهم في تلوث بصري و ربما بيئي إضافي، دون رقابة فعلية.
إن ظاهرة العربات المجرورة بالخيول بمدينة الخميسات تستدعي مقاربة شاملة و متكاملة لا تقتصر على الجانب الأمني أو التنظيمي فقط بل بتفعيل القوانين الرادعة لضمان انسيابية حركة المرور و الحفاظ على الجمالية الحضرية..و عليه، وجب التفكير في حلول اجتماعية و اقتصادية تضمن بدائل مستدامة لأصحاب هذه العربات، فكثير منهم يعتمد عليها كمصدر رزق وحيد، مما يجعل معالجة الظاهرة تتطلب فهما عميقا للظروف الاجتماعية و الاقتصادية لهؤلاء الأفراد.
صفوة الكلام :
تتطلب معالجة ظاهرة العربات المجرورة بالخيول بمدينة الخميسات مقاربة شاملة تتجاوز الحلول التنظيمية التقليدية؛ فإلى جانب تشديد الرقابة و تطبيق القانون على المخالفين الذين لا يلتزمون بقوانين السير و استغلال الملك العمومي، و تحديد مناطق حظر سير هذه العربات لضمان انسيابية حركة المرور، يجب إطلاق برامج للدعم و التكوين لمساعدة أصحاب هذه العربات على التحول نحو أنشطة اقتصادية منظمة و مستدامة توفر لهم بدائل رزق كريمة. كما ينبغي توفير فضاءات خاصة لتنظيم حركة هذه العربات و تحديد مساراتها و أماكن توقفها بعيدًا عن الشوارع الرئيسية، بهدف الحفاظ على الجمالية الحضرية للمدينة. إن هذه الإجراءات المتكاملة تمثل جزءًا لا يتجزأ من مشروع تنمية حضرية شاملة تهدف إلى الارتقاء بالخميسات و جعلها فضاءً آمنًا و جميلًا و مريحًا لجميع سكانها و زوارها.
