يحرص المغرب و إسبانيا، الجاران و الصديقان التاريخيان و الفاعلان الرئيسيان في تطوير الجوار الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، على تجديد شراكتهما الاستراتيجية باستمرار وفقا لرؤية موجهة نحو المستقبل و رفع تحديات القرن الحادي و العشرين.
و لطالما فضلت الرباط و مدريد أن تكون علاقتهما قائمة على أساس الحكمة و التفاهم و المصلحة المشتركة لبناء شراكة متعددة الأوجه و الأبعاد، و التي تشكل، بلا شك، نموذجا للشراكة بين الشمال و الجنوب قائمة على أساس رابح/ رابح و في مستوى الرهانات و التحديات التي تطرحها التحولات الإقليمية و الدولية.
و تعد خارطة الطريق غير المسبوقة، التي تم اعتمادها في أبريل 2022، بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب بدعوة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تجسيدا واضحا لإرادة و عزم البلدين، اللذين يشجعهما قرب جغرافي و تاريخ عريق و تكامل متفرد لكسر الحواجز و وضع نصب أعينهما مستقبل واعد في مختلف المجالات.
خارطة الطريق الجديدة هاته “الطموحة و المستدامة” تحدد المبادئ التوجيهية لإرساء شراكة شاملة و متجددة من أجل الاستجابة للتحديات الحالية، مثل الهجرة و الإرهاب و التنمية المستدامة و البيئة، و كذلك تحديات المستقبل، مثل الأمن الغذائي و الانتقال الإيكولوجي و الذكاء الاصطناعي.
على هذا الأساس، فإن البلدين، و بعد إعطاء دفعة جديدة لمجموعات العمل التي تم تشكيلها بينهما لإعادة إطلاق التعاون الثنائي متعدد القطاعات، يتعهدان بالتعامل مع الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة، و التشاور بعيدا عن الأعمال الأحادية الجانب أو الأمر الواقع.
و تجسيدا لهذه الإرادة المشتركة، وضع الاجتماع رفيع المستوى ، الذي انعقد يومي 1 و 2 فبراير 2023في الرباط، حجرا جديدا في بناء شراكة استراتيجية بين البلدين اللذين ينظران إلى ماضيهما بهدوء و يستشرفان مستقبلهما بحماس و ثقة متجددين.
و في الإعلان المشترك الصادر عقب أشغال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا،عبر خلاله الطرفان عن التزامهما باستدامة العلاقات الممتازة التي جمعتهما على الدوام، و أكدا رغبتهما في إثرائها باستمرار.
و في هذا السياق، تدرج إسبانيا و المغرب تعاونهما في إطار معاهدة الصداقة و حسن الجوار و التعاون و الحوار السياسي المعزز المنبثقة عن البيان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، القائمة على مبادئ الشفافية و الحوار الدائم، و الاحترام المتبادل، و تنفيذ الالتزامات و الاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين، و التي تم التطرق فيها إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، بروح من الثقة، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع. و أشارت الرباط و مدريد إلى أن هذا الاجتماع شكل فرصة لاستعراض أهداف خارطة الطريق و النتائج المرضية التي تم تحقيقها من جهة، و من جهة أخرى، لتجديد عزم البلدين على العمل، بشكل مشترك، من أجل مواصلة هذه الدينامية الجديدة، الضرورية لرفاهية البلدين و ازدهار المنطقة بأسرها.
و في هذا الصدد، ثمن الطرفان العمل المنجز في جميع مجموعات العمل، و قبل كل شيء الجهود المبذولة و المشاركة التي تم إظهارها، من كلا الجانبين، بهدف تحقيق الأهداف المحددة في خارطة الطريق المذكورة، داعيين في نفس الوقت إلى المزيد من المناقشات في إطار هذه المجموعات.
و شهدت أشغال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغرب – إسبانيا، التي عرفت مشاركة وفد إسباني هام و عدد من أعضاء الحكومة المغربية، توقيع نحو عشرين اتفاقية ثنائية همت عددا من مجالات التعاون.