في الثامن من مارس من كل عام، تحتفل الدول والمنظمات الدولية بإنجازات المرأة وتطلعاتها نحو مستقبل أكثر عدلاً ومساواة. لكن في مخيمات تندوف، يعيش آلاف النساء في واقع مأساوي يغيب عن منصات الاحتفال، حيث تتواصل معاناتهن بعيدًا عن الأضواء الإعلامية والتضامن الدولي.
حياة تحت القيد والتهميش
في هذه المخيمات، تُحرم النساء من أبسط حقوقهن، ويعشن في ظروف قاسية تُكرّس العزلة والمعاناة. فلا حق في التعليم الجيد، ولا رعاية صحية كافية، ولا حتى حرية التنقل. تمر السنوات وتبقى المرأة التندوفية أسيرة بيئة مغلقة، تُفرض عليها قيود اجتماعية وسياسية تمنعها من رفع صوتها أو المطالبة بحقوقها.
تفكك الأسر واستغلال الأطفال
من أشد مظاهر المعاناة التي تواجهها النساء في مخيمات تندوف، عمليات تفريق العائلات التي تُمارس بشكل ممنهج. حيث يتم نقل الأطفال قسرًا إلى دول بعيدة تحت ذريعة “التكوين” أو “التعليم”، بينما تعيش الأمهات في ألم مستمر نتيجة حرمانهن من فلذات أكبادهن. شهادات العديد من العائدين من المخيمات تكشف كيف يتم استخدام هذه الممارسات كأداة للابتزاز السياسي، حيث يُحرم الأطفال من هويتهم الأسرية ويُعاد تشكيل وعيهم في بيئات غريبة عن ثقافتهم الأصلية.
العمل القسري وغياب العدالة
النساء في مخيمات تندوف يُجبرن على العمل في ظروف قاسية دون أي ضمانات قانونية أو اجتماعية. كثيرات منهن يعملن في أشغال شاقة مقابل القليل من الطعام أو المساعدات الإنسانية، في ظل غياب أي قوانين تحمي حقوقهن أو تنصفهن. في المقابل، يمنع عليهن الاحتجاج أو المطالبة بتحسين أوضاعهن، مما يكرّس واقعًا من الاستغلال والإهانة المستمرة.
صمت دولي وإهمال إعلامي
على الرغم من هذه الانتهاكات المستمرة، تظل قضية المرأة في مخيمات تندوف مغيبة عن المشهد الإعلامي الدولي، حيث تتجاهل وسائل الإعلام الجزائرية وحتى بعض القوى السياسية هذه المأساة. يُستخدم ملف النساء في المخيمات أحيانًا كورقة سياسية، دون اهتمام حقيقي بتحسين ظروفهن أو منحهن فرصة لحياة كريمة.
الاحتفال المنسي
في الوقت الذي تُرفع فيه شعارات التمكين والمساواة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تُجبر نساء تندوف على مواصلة حياتهن في صمت. لا منصات تُنقل أصواتهن، ولا قوانين تحميهن، ولا دعم دولي يسلّط الضوء على مأساتهن المستمرة منذ عقود.
في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال مفتوحًا: متى يُكسر حاجز الصمت عن معاناة نساء تندوف؟ ومتى يتحول الاحتفاء العالمي بالمرأة إلى فرصة حقيقية لإنقاذ آلاف النساء من القهر والتهميش؟
المصدر: أكادير 24