حذرت وزارة الخارجية الإسبانية، في توصية نشرتها على موقعها الإلكتروني الرسمي على شبكة الأنترنيت، المواطنين الإسبان من السفر إلى مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري بسبب وجود تهديدات إرهابية محتملة ضد الإسبان في منطقة “معسكرات الصحراويين”، مؤكدة في الوقت ذاته أن “الدولة لن تكون مسؤولة عن أية أضرار أو خسائر قد تلحق الأشخاص أو الممتلكات بسبب عدم الالتزام أو الجهل أو عدم الاهتمام بالتوصيات الصادرة عنها”.
و أشارت الخارجية الإسبانية، إلى أن “تزايد حالة عدم الاستقرار في مالي و ما يترتب عنه من ارتفاع في وتيرة أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة يؤثران على الوضع الأمني بالمنطقة التي توجد فيها المخيمات الصحراوية في تندوف”.
على صعيد مماثل، لفت المصدر ذاته إلى أنه “لا توجد أية منطقة في العالم و لا أي بلد في مأمن من الأعمال الإرهابية”، موردا في هذا الصدد أن “ثلاث مجموعات إرهابية تنشط على الأراضي الجزائرية و يتعلق الأمر بكل من: تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجيش الخلافة في الجزائر و تنظيم داعش في الصحراء الكبرى”. كما أكد حدوث حوادث سابقة تتعلق بعمليات اختطاف الأجانب في هذا البلد، حيث كان دائما الموقف التقليدي للحكومة الجزائرية هو “عدم تقديم تنازلات للخاطفين و عدم دفع الفدية التي يطالبون بها”.
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، إن “الحكومة الإسبانية ما كانت لتصدر هذه التوصية من فراغ؛ بل إن لديها معلومات استخبارية مؤكدة بوجود تهديد إرهابي حقيقي على مواطنيها الذين يسافرون إلى تندوف”، موضحا أن “هذه التوصية جاءت لتؤكد مجموعة من التقارير الدولية و كذا المخاوف الأمنية التي طالما عبرت المملكة المغربية في هذا الصدد”.
و أضاف المتحدث ذاته، أن “مدريد يبدو أنها باتت مقتنعة بأن جبهة البوليساريو الانفصالية أصبحت تشكل عاملا لعدم الاستقرار في المنطقة و تشكل خطرا حقيقيا على هذه الأخيرة و على الأمن و السلم الإقليميين”، لافتا إلى أن “الحكومة الإسبانية توجه بهكذا توصيات رسالة مباشرة إلى مواطنيها الذين كانوا يسافرون إلى هذه المناطق في إطار ما يسمى السياحة النضالية التي تتبناها بعض المنظمات و الجمعيات المتضامنة مع الجبهة لكي تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب”.
و خلص رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد إلى أن “مخيمات تندوف التي تقع تحت الولاية القضائية للدولة الجزائرية لا تشهد اليوم فقط نشاطا مشبوها للجماعات الإرهابية و إنما أيضا عصابات تهريب البشر و المخدرات و المحروقات في سكوت مطبق و تواطؤ واضح من الحكومة الجزائرية”، معتبرا أن “هذه التوصية تحمل في طياتها أيضا رسالة غير مباشرة لقصر المرادية لتحمل مسؤولياته و إعمال ولايته القضائية على أرضه بما يضمن الأمن و السلم في هذه المنطقة التي تعرف اليوم مجموعة من الأخطار و التهديدات الأمنية و تمدد الحركات الإرهابية نتيجة الأوضاع غير المستقرة في منطقة الساحل”.
من جهته، أورد علي بيدا، رئيس الفرع الجهوي لـ”المركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء”، أن “المملكة الإسبانية محقة جدا بخصوص تحذير رعاياها من السفر و زيارة مخيمات تندوف في الجنوب الجزائري، بحجة عدم استتباب الأمن هناك و كونها منطقة معرضة للخطر الإرهابي و هي أماكن تعرف نشاط قويا لمجموعات إرهابية كبيرة لها امتداد في منطقة الساحل و الصحراء و تقوم بتجنيد أطفال قاصرين في مخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، رغم أن الجبهة الانفصالية و من خلفها الجزائر تعتبر هذا الإجراء غير دقيق ويفتقد للمصداقية”.
و أوضح ذات المصدر أن “هذا الاجراء يأتي مباشرة بعد تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسبانية للجزائر بطلب من هذه الأخيرة، بداعي ازدحام الأجندة الجزائرية؛ و هو التبرير الذي لم يقنع المتابعين للسياسة الخارجية الإسبانية التي رجحت أن هذا التأجيل يأتي وفق سببين أولهما رفض الجانب الإسباني الحديث عن قضية الصحراء أو مراجعة موقف مدريد الداعم للحكم الذاتي باعتباره قرارا سياديا و سياسة دولة لا يحق لأحد أن يناقشها فيه”. أما السبب الثاني الذي أغضب الطرف الجزائري، يُفسر المتحدث ذاته، فهو “نشر وسائل الإعلام الإسبانية لوثيقة من الجريدة الرسمية الإسبانية تصف مدينة العيون كبرى حواضر الصحراء بالمغربية؛ و هو ما يؤكد الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء بشكل رسمي، الأمر الذي أغضب الجزائريين الذين كانوا يرغبون في مناقشة دعم مدريد للرباط في قضية الصحراء المغربية”.
و خلص إلى أن “الدبلوماسية الجزائرية تعيش الكثير من الفوضى خلال الأسابيع الماضية بعد الخلاف الحاد مع الإمارات و مالي و النيجر، كما يبدو أن علاقتها مع السعودية ليست على ما يرام بعد صدور المرسوم الملكي السعودي الذي طالب جميع المؤسسات في البلاد بعدم استعمال الخرائط التي تُقسم تراب المملكة المغربية و الامتناع عن استعمال لفظ الصحراء الغربية؛ و هو الأمر الذي يدخل في إطار دعم الرياض للوحدة الترابية للمملكة المغربية”.
المصدر: هيسبريس