بعد أشهر من حديث الإعلام الإسباني عن “تردد” طبَع موقف عدد من اللاعبين المغاربة “مزدوجي الجنسية” بخصوص اختياراتهم ومواقفهم من اللعب للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، جاء قرار اللاعب المتألق في صفوف نادي ريال مدريد، إبراهيم دياز، بحمْل ألوان “أسود الأطلس” ليضع حدّاً لكل الشائعات والأخبار التي كانت قد تناسلت عن مستقبله دولياً ومساره الكروي.
خبر اختيار إبراهيم دياز، لاعب ريال مدريد، لتمثيل المغرب، نقلته صحيفة “ماركا” ذائعة الصيت بإسبانيا، مؤكدة، مساء الأحد، أن “اللاعب الشاب حسَم فعلا موقفه بخصوص المنتخب الذي سيدافع عن ألوانه مستقبلا باختيار اللعب مع أسود الأطلس وتمثيل المغرب”، (الخبر) أعاد إلى الواجهة موضوع اللاعبين الدوليين المغاربة وتفضيلهم منتخبات بلادهم الأم، كما أثار مسألة “تكوين الخلَف لحمل ألوان المنتخب الوطني الأول”.
وعلى العكس من اختيار لاعب نادي برشلونة الإسباني، لامين يامال، حمل قميص المنتخب الإسباني الأول “لاروخا”، جاء إعلان دياز تمثيل المنتخب المغربي ليقرّ بـ”وجود أزمة مواهب في الكرة الإسبانية، ودق مسمار في نعش الاتحاد المحلي للعبة، بحكم أنه لم يجد بعد لاعبا أفضل منه طيلة هذه السنوات للعب مع المنتخب الأول”، حسب وصف صحيفة “ماركا” الإسبانية في مقال سابق.
ويبدو أن الإعلام الإسباني المتخصص في الشأن الرياضي قد أصِيب بـ”خيبة أمل وحسرة” كبيرتين بعدما “فشل الاتحاد المحلي لكرة القدم في إقناع دياز باللعب لمنتخب وطن نشأته”، معتبرا أن “إسبانيا ستُفرّط في لاعب موهوب ونجم عالمي يستحق أن ينال رقم 10 في صفوفها”، حسب وصفة الصحيفة الرياضية سالفة الذكر.
كما أشار المصدر الإعلامي ذاته إلى أن “منتخب لاروخا” تجاهل اللاعب ذا الأصول المغربية لفترة طويلة مقابل عمل كبير قادته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي راكمت مجهودات محاولة إقناع اللاعب الموهوب في كل مرة.
وفي أول تعليق له، شدد مدرب منتخب إسبانيا لكرة القدم، لويس دي لافوينتي، على كون “اللاعب حرّاً في اختياره”، قائلا: “أنا أحترم تماماً موقفه. يجب على الجميع اتخاذ القرارات التي يتعين عليهم اتخاذها، وهو حر في اختيار ما يراه مناسباً”، قبل ن يشرح: “لكنني قلتُ دائما إن هناك ثلاثة ثوابت لحمل القميص الإسباني: أولًا أن تكون مستعدا للعب للمنتخب الوطني، ثانيا أن ترغب في ذلك، ثالثا أن يستدعيك المدرب”.
مكاسب للكرة المغربية
أفاد يوسف شيبو، لاعب دولي مغربي أسبق محلل رياضي، بأنه “لا اختلاف حول قرار الاختيار لكل لاعب، إذ يظل حراً في ذلك”، معتبرا أن “دياز حسم قراره بنسبة 90 في المائة في انتظار التأكيد الرسمي من جامعة كرة القدم المغربية”.
ولفت شيبو، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الاختيار الذي قام به دياز يبقى نابعاً من رغبته الشخصية في تمثيل منتخب بلاده الأصل، ويعدّ مكسباً كبيرا للكرة المغربية، كما سيشكل إضافة قوية للتشكيلة الوطنية لأسود الأطلس بوصفه لاعباً موهوباً”، مؤكدا أن مسألة التمثيل للمنتخبات الأولى “لا يجب أن تخضع للانتظار أو المساومة”.
وفي تقدير المحلل الرياضي نفسه، فإن “مستقبل إبراهيم دياز سيكون أنجَح مع المنتخب المغربي، باعتبار أن الأصول العربية للاعبين تظل حاسمة ليس في اختياراتهم بل كذلك منعكسة على عطاءاتهم في الميدان”، مستحضرا أن “الأجواء مع الجمهور المغربي وتقدير موقف اللاعب، أمور مكفولة ستشكل حاضنة للاعب الواعد”.
وأضاف شيبو أن “القرار بحمل قميص الأسود من طرف لاعبين كإبرهيم دياز سيؤثر لا محالة في قرارات واختيارات شبان صاعدين نشؤوا في بلدان أوروبية”، مشددا على “عامليْ الحافز والرغبة في تقديم الأفضل وضمان تنافسية دولية في مجال كرة القدم، فضلا عن عنصر التكوين داخل النوادي”، قبل أن يختم بأن “اللعب للمنتخب الوطني المغربي شرَفٌ لأي لاعب له رغبة لا تستجيب لضغوطات إعلام بلد النشأة”.
وجدان يستدعي الاحتضان
قال إدريس عبيس، إطار وطني مغربي خريج معهد تكوين أطر الشبيبة والرياضة، إن “الضغوطات التي يعيشها أي لاعب مزدوج الجنسية نشأ في الديار الأوروبية تثير نقاشاً موسعاً وصراعًا داخل النوادي والاتحادات الكروية في أوروبا حول اختيارات التمثيل الدولي الكروي”.
واعتبر عبيس، في حديث لهسبريس، أن “الموضوع يتطلب نوعاً من التأني والصبر وعدم التسرع، لأن الارتباط الوجداني والعاطفي والمسار الكروي لكل لاعب، فضلا عن الاختلافات الجيلية، يظل حاسماً في اختياراته”، مبرزا أن “الوسط العائلي والشخصي حاسم، وهو ما تمثل في حالة اللاعب دياز الذي يبدو أن “المغرب نجح في استقطاب موهبة كروية مغربية عالية المستوى ورفيعة الموهبة”.
“حسابات الربح والخسارة المستقبلية، ثم عامل الضغوط النفسية، تظل مؤثرة بدورها في قرار أي لاعب”، يشرح عبيس، داعيا إلى وجوب “احتضان مثل هؤلاء اللاعبين الموهوبين ومواكبتهم من أجل مساعدتهم في التأقلم مع أجواء اللعب داخل المنتخب الوطني، وكذا كيفية التعامل مع الجمهور المغربي ووسائل الإعلام”، مردفا:ً “من الضروري منح اللاعب الذي يختار اللعب لمنتخب المغرب فترة للتعايش”.
وأشاد عبيس بما وصفه “سياسة حكيمة وذكية من المسؤولين عن تدبير الشأن الكروي بالمغرب بمواصلة الانتباه للكفاءات الرياضية في بلد المهجر، ما يساهم في القطع مع منطق العشوائية في تدبير مسارات ومستقبل احتراف اللاعبين الناشئين”، مستحضرا أن “الاستقبال الرسمي الملكي الذي خص به الملك محمد السادس المنتخب المغربي بقيادة الركراكي بعد إنجاز المونديال، ساهم بنسبة كبيرة في توفير الجو العام وفتح الآفاق أمام لاعبين محترفين بأوروبا لبناء قراراتهم على أسس متينة”.
المصدر: هيسبريس