الطوايط ) قبيلة أولاد بورزين و قبيلة أيت علا( .. حين تختلط دموع الفرح بالتشبث بروح العلاقات المتينة

* الطوايط* هي رحلة عبر الزمن، لإحياء ذكريات ماضي سحيق، شهد على قطيعة بين قبيلتين متجاورتين و هما أولاد بورزين، و هم السكان العرب المستقرون بين مدينتي تيفلت و سلا،و أيت علا الأمازيغ و هم المستقرون نواحي الخميسات اتجاه مدينة تيفلت و سلا..
و حدث بفعل هذا التجاور، أن حدثت خلافات شديدة حول الحدود بينهما، تحول إلى خصام قوي و قطيعة دامت لسنين طويلة، إلى أن اتفق ذات مرة، أعيان و وجهاء القبيلتين و كبارهما، لوأد هذا الخلاف، و إعادة العلاقة إلى سابق عهدها، زمن الاحترام و التعامل و التآخي، فأقيم حينها حفل كبير سمي ب * الطوايط*، التقى فيه ساكنة القبيلتين، و تعاهدوا عهدا حرا أبديا من أجل إحياء العلاقة الطيبة فيما بينها، و تجنب كل ما من شأنه أن يضر أحدهما، من حسد و غيرة و غضب و شجار، بل فقط احترام تام و تقدير منقطع النظير و إلى الأبد..
شهدت يوم الخميس 07 غشت 2025 الجماعة القروية أيت بلقاسم تنظيم احتفال * الطوايط* بين قبيلة أولاد بورزين و قبيلة أيت علا.. و قد حضرت انطلاقة فعاليات هذا الحفل الروحي عشرات بل مئات المواطنين من قبائل أيت بلقاسم بالإضافة إلى الضيوف الشرفاء من أولاد بورزين و أعداد كبيرة من متتبعي هذه الطقوس الروحية من عدة قرى بل و مدنا مجاورة مثل تيفلت و الخميسات و المعازيز و سلا..
و ما إن أشرقت شمس ذلك اليوم، حتى كان الحاضرون على موعد مع استعدادات جدية من طرف المنتمين لقبيلتي أولاد بورزين و أيت علا.. فسرج الفرسان أحصنتهم و انطلقت الأهازيج أغلبها ابتهالات و أدعية و زغاريد و عبارات ترحيب من الجهتين.. فكان منظر ساكنة قبيلة أولاد بورزين رائعا و هم الضيوف هذه السنة، و قد حملوا الأعلام الوطنية كرمز للتشبث بالهوية المغربية، مصحوبة بمناديل بيضاء معلقة على أعواد القصب كرمز للسلم و الحوار و إحياء الحب و الثقة و التآخي ..
فيما كانت ساكنة قبيلة أيت علا، و هم المستقبلون، نساء و رجالا و أطفالا يلوحون بالأعلام و المناديل البيضاء هم الآخرون، إيذانا بفتح بيوتهم و قلوبهم لاستقبال الضيوف الشرفاء، في إشارة لإحياء العلاقة الروحية و إذكاء جذوة التلاقي و التآخي الأبديين الأزليين..
فوقفت جموع كل قبيلة على تلة مقابلة، و رسمت على الوادي لوحات تمثيلية تعبيرية على أرض أيت بلقاسم، تذكر بأشكال الخلافات التي كانت على الحدود، في صورة رائعة، أصحابها رجال مسنون، أبدعوا في تصويرها، و ارتجلوا حقبة من الصراع الدامي و الاقتتال الخطير.. ثم تلتها عملية الإلتقاء و الصلح و الاعتذار عما مضى من خلافات و عدم احترام الجوار.. و هي الصورة التي اقشعرت لها الأبدان، و سالت لها الدموع، و تبادل الجميع الأحضان، إيذانا بيوم جديد آخر من العلاقات الطيبة و الاحترام اللذين بلغا حد السجود لله على هذه الخطوة الطيبة و عودة العلاقات إلى عهد الحب و الرخاء و الاحترام…
لتنطلق عروض التبوريدة وقد شارك فيها الجميع، تحييهم عند كل قرصة بارود على المحرك الجميل المنمق و المنظم بشكل رائع، زغاريد النساء و الفتيات بشكل لا ينقطع.. و ما أضاف اللمسة الفنية الروحية الجميلة لاحتفالات *الطوايط* هذا، مشاركة الفرسان من كل الأعمار، و كأنني بأولئك الشيوخ المشاركون، يقولون لأحفادهم و من خلالهم لكل الأجيال الصاعدة الحاضرة ، هاكمو خذوا المشعل و احفظوه، ففيه كرامة التآخي و حسن الجوار، و نخوة المغربي و أمن الوطن…
و للأمانة، فقد كان للجانب الأمني دوره في تنظيم الحاضرين الحاجين بالمئات، و عليه نحيي عناصر الدرك الملكي و القوات المساعدة الحاضرون الواقفون الثابتون الملتزمون، كما نشير للحضور المتميز لسيارة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة..
و للأمانة أخيرا، فقد أجاد و تميز المنظمون في ترتيب الخيام و مواقف السيارات، و توفير الماء الشروب و المرافق الصحية، و طبعا الأعلام الوطنية الرفرافة السامية الشامخة..